Thursday 11 October 2012

المشافي الميدانية في سورية وجهود جبارة من اجل حماية الجرحى من الاعاقة الدائمة


المشافي الميدانية  في سورية وجهود جبارة من اجل حماية الجرحى من الاعاقة الدائمة
د. شهرزاد الجندي

غرفة استراحة المرضى في احد البيوت التي تستضيف جرحى الثورة، هي المرحلة الأخيرة من مراحل التنقل من (المشفى الطيار) الى (المشفى الميداني) الى ( منزل قريب) الى (منزل أبعد) وهكذا....  فكرة المشفى الطيار أو الميداني جاءت في بداية الثورة السورية، حيث دخل الأمن السوري إلى بعض مشافي درعا وأجهز على الجرحى،  وقتها قرر الثوار انهم بحاجة الى مكان آمن لعلاج المرضى ..

اعتمد المتظاهرون المشافي الميدانية والمشافي الطيارة عوضاً عن مشافي الحكومة أو حتى المشافي الخاصة المراقبة من السلطات. وقد تبرع عدد من الشبان في أحياء التظاهر لإيجاد البيوت السكنية المناسبة البعيدة عن أعين الأمن والشبيحة وذلك لعلاج الجرحى في مكان آمن ولتجنب الإعتقال أيضاً.


تبقى المشافي الميدانية والطيارة المتنقلة تجربة السوريين الجديدة في العلاج من (دخول) الرصاص إلى أجسادهم حين تطلقه عناصر الأمن في محاولة لتمزيق أحلامهم في الحرية والتحرر من نظام الاستبداد. عدد كبير من السوريين يتحولون الى أشخاص ذوو اعاقة مدى الحياة بفعل الرصاص السوري والجيش السوري والشبيحة السوريين، كما ان عدد كبير من الجرحى يعودون للتظاهر دون خوف أو تفكير بالتراجع عن مطالب الشعب السوري.

هذه ليست معلومات سرية فالمخابرات او (الجهات المختصة كما يسمونها) تعرف كل هذه المعلومات التي نشرت على صفحات المواقع الاجتماعية اليوتيوب.

ما هو المشفى الميداني أو المشفى الطيار
المشفى الميداني هو مشفى “طيار” بامتياز كون المريض ينتقل إلى أكثر من مكان ربما في ساعة واحدة وذلك خوفاً من المخبرين (الذين يتعاملون مع المخابرات ويشون بالناس) الذين ينتشرون في الاحياء ويخبرون الأمن عن مكان الجرحى.

في الريف السوري وضع المشافي (الطيارة) أصعب بكثير من المدن الكبرى وخاصة لجهة معرفة المخبرين بها، كون القرى صغيرة وأي جريح أو مصاب نتيجة لإطلاق النار ستسمع بحالته كل القرية.

كما أنه يصعب على الناشطين في فترات القصف الشديد، تزويد المشافي بالأدوية والمواد الأولية من مدن أخرى فالمشافي تفتقر إلى أبسط الضروريات: مهدئات، مواد تعقيم، أدوية ضد الالتهاب وحتى الإبر والأمور الاساسية.  

لا تكتفي قوات الأمن السورية بإطلاق النار على المحتجين، بل تلاحق الجرحى والمصابين إلى المشافي وتعتدي عليهم بالضرب وتقتل البعض الآخر، وهو ما دفع طواقم طبية سورية للعمل في المشافي الميدانية وتطوعت لمعالجة الجرحى وإنشاء مشافي ميدانية.  وفي حين يحاول الأطباء ومسعفون متطوعون العمل سراً وبدأوا بتجهيز غرف عمليات في بعض الأماكن الساخنة، تفتقر عمليات الإسعاف لمعدات ضرورية يستحيل الحصول عليها وأدوية ضرورية في علاج الجرحى.

وعن فكرة علاج الجرحى جراء إطلاق النار من قبل قوات الأمن، أوضح احد الاطباء أن "المشافي الميدانية" التي يتم إنشاؤها في المناطق التي تشهد عمليات عنف شديدة من قبل النظام السوري، تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ففي حين تم إنشاء مستشفيات تحتوي على أجهزة كاملة لإجراء عمليات جراحية داخل البيوت، ويشرف عليها جراحون مختصون، توجد أخرى لمعالجة الجروح التي لا تحتاج لعمليات جراحية أو للاهتمام بالمصابين بعد العمليات، فيما يتواجد مسعفون بحقائب متنقلة لإسعاف الحالات الطارئة.  ويتم حاليا تجهيز عدد من الحقائب الطبية الصغيرة و المتوسطة والكبيرة التي تحتوي على مستلزمات الإسعافات الأولية وصولا إلى مستلزمات العمليات الوسطى  لتوزيعها على النقاط و المناطق الثائرة.

عدد الذين اصيبوا في اطلاق النيران كبير جدا (وصل عدد الجرحى الى 73,000) وهناك الكثير من الاطفال مصابين بجروح من شظايا في البطن والرأس والصدر او اصيبوا حين انهارت منازلهم على رؤوسهم من جراء قصف القوات السورية. ويصبح الوضع مأساويا في حالة قطع في الشرايين لأن المعالجة تصعب في غياب طبيب مختص فيبتر المريض أو يموت.

لم يُتح للناشطين العاملين في المجال الإسعافي أن يطوّروا أماكن عملهم، وإن تفاوت الأمر نسبيّاً بين منطقة وأخرى، حيث تلعب درجة “تحرّر” البلدة أو المدينة من قوّات النظام دوراً في ذلك. وكل المحاولات لتأمين مكان مجهز بأدوات ومواد وأدويّة طبيّة كانت تفشل نتيجة اكتشاف الأمن للأماكن ومداهمتها وسرقها واعتقال القائمين عليها. والظروف مستحيلة لتحقيق حالة مشفى ميداني متنقل (سيارة مثلاً) نتيجة التفتيش والحواجز.

وأبرز الصعوبات التي يواجهها الفريق الطبي هو الدخول إلى الأماكن التي تتواجد فيها الإصابات.  عدم توفر المواصلات وعدم معرفة الطرقات الفرعية لكل مكان، ثمّ في الكثير من الاحيان هنالك انقطاع الاتصالات في المناطق الثائرة  بالإضافة الى سوء التنسيق بين كافة الجهات.

أنّ المشافي الميدانيّة التي ارتجلها أطباء وممرضون وممرضات شجعان قد تمّ تنفيذها على عجل، ولهذا من الطبيعي أن تكون التجهيزات على مستوى كبير من التواضع. ما كان يمنع تطوير المشافي الميدانيّة في بؤر الثوّرة الكثيرة هو النظام بالطبع؛ الظروف الأمنيّة وسيطرة الجيش كانت تحول دون قدرة العاملين بالمجال الطبي على إعداد مكان مجهز بكافة احتياجات المشفى الميداني الذي يستطيع علاج كافة الإصابات الخفيفة والمتوسطة حيث معظم العاملين بإسعاف المصابين مهددين بالقتل مباشرة، وعملهم كان يتمّ إما في المنازل وأحيانا في الحارات الضيقة أو البساتين، في شروط لا توّفر الحد الأدنى من مستويات التعقيم أو البيئة الصحيّة والنظيفة التي يحتاج إليها المعالج ليحمي الجرح من الإنتان، ويحمي الجريح من بتر في الطرف المصاب، ويحميه من الاعاقة مدى الحياة.

المشافي الحكومية والخاصة
بكل الأحوال لا يثق المتظاهرون الذين يطالبون بالحرية بأي مشفى حكومي اليوم، لأن قوات الأمن مسيطرة تماماً على تلك المشافي. وسمعنا الكثير من القصص المأساوية لمصابين دخلوا الى تلك المشافي أحياء واصابتهم خفيفة وخرجوا بلا روح على نقالات.

ويؤكد الاطباء أن أحداً من الذين أرسلوا إلى المشافي الحكومية في منطقته لم يسلم من الاعتقال من داخل المشافي، أو تم قتله في المشافي نفسها تحت إشراف قوات الأمن. ما اضطرهم لمعالجة الجرحى سراً في مشافي خاصة، أو إنشاء مستشفيات ميدانية بعيداً عن أعين الأمن والسلطات السورية.

لم يعد الذهاب الى مستشفى عام واردا لعدد كبير من الناس. فالجيش يسيطر على المستشفيات الرئيسية ويعتقد ناشطون انها مليئة برجال الامن السوريين. وقال طبيب “رأيت مقاتلين جرحى يصلون الى واحد من هذه المستشفيات ويتعرض للضرب ويعتقل قبل ان يتلقى العلاج”. كان أمام مستشفى ميداني عربة اسعاف متوقفة وقد اخترقت جانبها الايسر طلقات الرصاص.

الاعتداء على الطواقم الطبية
تعتدي قوات الأمن على الطواقم الطبية والأطباء المتعاطفين مع الجرحى من المحتجين بشكل متكرر. ويتحدث الثوار والاهالي بان الجهات الأمنية تعتقل الاطباء والمسعفين الطبيين، قال أحدهم (اعتقلوا أربعة أطباء وممرض وصيدلاني وساقوهم بطريقة وحشية دون أي احترام، وجرمهم كان بأنهم أسعفوا مصابين وقدموا لهم الدواء في أحد المشافي الميدانية)

كما اعتدت قوات الأمن على طاقم منظمة الهلال الأحمر في مدينة حمص عدة مرات واعتقلت مُسعفين بعد أن أطلقت عليهم النار، ما أدى إلى مقتل أحد المسعفين في المنظمة، التي طالبت السلطات السورية في وقت سابق بالتحقيق في القضية.

كما أن جميع الأطباء الذين اكتشفت السلطات السورية تعاطيهم مع جرحى الاحتجاجات، تعرضوا للملاحقة الأمنية والاعتقال. وهناك أسماء العشرات من الأطباء الذين اعتقلوا في مدينة دمشق، بينهم رؤساء أقسام ومدراء مشافي خاصة عالجوا الجرحى دون إخطار قوات الأمن. وقد قامت الاجهزة القمعية الخاصة بالقيام (ببتر يدين لطبيبين جراحين) لمجرد انهما كانا يقومان بعلاج الجرحى، بهدف اشاعة الخوف والرعب بين الطواقم الطبية لمنعهم من اسعاف الجرحى.

وشدّد الأطباء على قيام قوات الأمن السورية بالاعتداء على الجرحى في المستشفيات الحكومية، وقتل بعضهم حتى الموت وسرقة أعضاء البعض الآخر. وأردف احد الشهود أن أحد الجرحى تم إطلاق الرصاص عليه من قبل أحد الأطباء، فيما قتل اثنان كانت حالتهم خطرة بعد حقنهم بجرعات بوتاسيوم عالية، مما تسبب في توقف القلب لتبدو الوفاة طبيعية.  وهو الأمر الذي دفع الكثير من الجرحى لإخفاء إصاباتهم، ما أدى في بعض الحالات لاكتشاف عدة إصابات بليغة، لجرحى التزموا البيوت، ولم يعلنوا عنها إلا بعد أسابيع عدة. ويقول الناطق باسم تنسيقية أطباء دمشق: "اضطررنا لبتر طرف أحد المصابين بعد أن التهاب جرحه".

تحويل المستشفيات إلى أدوات تعذيب
وتأتي هذه التصريحات بعد اتهام منظمة العفو الدولية، الحكومة السورية، بتحويل المستشفيات العامة إلى "أدوات للتعذيب والقمع"، في سعيها للقضاء على المعارضة وملاحقتها، وهو ما نفته وزارة الصحة السورية واعتبرته "باطلاً".

وقالت المنظمة في تقرير لها، إن المصابين في أربعة مستشفيات سورية حكومية على الأقل تعرضوا للتعذيب، وأنواع أخرى من سوء المعاملة، وإن بعض أفراد الطواقم الطبية وغير الطبية ساهموا في تلك الانتهاكات.  وأشار التقرير إلى أن بعض أفراد الطواقم الطبية في تلك المستشفيات، ممن عالجوا أولئك المرضى من المحتجين المصابين خلال التظاهرات، تعرضوا هم أيضاً إلى الاعتقال والتعذيب، حسب قول المنظمة.  وأوضحت المنظمة أن العديد من المصابين، وخوفاً من العلاج في المستشفيات العامة، اضطروا إلى البحث عن العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة، أو في مستشفيات ميدانية مؤقتة، تفتقر للمعدات والأدوية المناسبة.

عدم توفر العلاج الطبي الصحيح يؤدي الى الاعاقة الدائمة مدى الحياة
يقول احد الشباب من الكسوة في ريف دمشق، بُترت رجله اليمنى الاثنين في عمّان بعد أن أصيبت بالتهابات سببها طلقٌ متفجر قبل ثمانية أشهر، لكنه ظل "هاربا" من العلاج خشية رجال الأمن، الذي يقول إنهم يعتقلون الجرحى في المستشفيات لينتهي بهم الأمر موتى أو مفقودين.  وقال قبل ساعاتٍ من عملية بتر رجله "تعرضت المسيرات لإطلاق نار كثيف وبشكل مفاجئ فتساقط الجرحى بشكل كبير، وأذكر أننا نقلنا بين أربعين وخمسين جريحا، قمت أنا والشباب بنقلهم لعيادة طبيب حوّلها إلى مستشفى ميداني بسيط. وأثناء وجودي على متن سيارة، بالقرب من مستوصف البلدة فوجئت بقناص فوق سطح المستوصف أصابتني منه طلقة في رجلي اليمنى". ويتابع "نقلني الشباب لعيادة الطبيب وهناك قال لي إن إصابتي برصاص من نوع متفجر وإنه يجب نقلي لمشفى وتم وضع جبيرة على الجرح وتمت إعادتي للمنزل حيث كان الأمن يحاصر كل مداخل البلدة ولا يمكن الخروج أو الدخول.  ويتحدث الشاب عن معاناته من الإصابة طوال ذلك اليوم إلى أن نقله أحد السكان عبر طرق زراعية إلى مستشفى خاص.  يقول "دخلت عن طريق الحدود بشكل غير رسمي  الى الاردن واستقبلتني منظمة أطباء بلا حدود وعولجت من الالتهابات لكنهم قرروا في النهاية بتر رجلي من فوق الركبة، يتابع "لن تتوقف حياتي عند بتر رجلي، سأقوم بتركيب طرف صناعي وألتحق بالجيش الحر"ويضيف "يوم سقوط النظام سأستعيد رجلي، وسأتزوج بعدها لأن الحياة ستبدأ يومها".

تكشف هذه الحالة  معاناة الجرحى داخل سوريا بسبب امتناعهم عن التوجه للمستشفيات. وتقول مسؤولة الإعلام في منظمة أطباء بلا حدود في عمان إن 80% من الجرحى الذين عالجتهم المنظمة عانوا مضاعفات طبية نتيجة خوفهم من التوجه للعلاج. وتؤكد ان "حالة الشاب السوري كان يمكن أن تكون بسيطة لو تلقى العلاج المناسب، لكن خوفه من الاعتقال جعل جرحه يلتهب بشكل تفاقم مع الوقت، حتى أصبح العلاج بعدها مستحيلا". وأضافت "استقبلنا 48 حالة لسوريين، غالبية إصاباتهم في العظام بسبب الرصاص، وأجريت لهم عمليات جراحية، لكن المشكلة الأهم أنهم عولجوا عند إصابتهم بأدوات غير معقمة وبطرق بدائية مما أدى لإصابتهم بمضاعفات  وعدد كبير منهم تم بتر احد اطرافه ومنهم من أصبح معاقا مدى الحياة".

وقد حدثت الكثير من الاعاقات نتيجة عدم توفر وسائل الاسعاف والمشافي في عدد كبير من المناطق مما يضطرهم الى تهريب الجرحى الى الاردن وهم يستعملون طرق بدائية لنقل الجرحى .. وتحدث الكثير من الشباب الذي اصيب بالإعاقة  عن أساليب تهريب السوريين للجرحى والمصابين عبر الحدود إلى المستشفيات الأردنية، في رحلة قد تستمر لمدة أيام، رغم قصر المسافة التي لا تتجاوز عشرة كيلو مترات، باستخدام وسائل مواصلات بدائية مثل الحمير، وأحياناً الحمل على الأكتاف والظهور لعبور المزارع والأودية حتى الوصول إلى بر الأردن الآمن.

يقول احد الجرحى: عندما أفقت من الغيبوبة فوجئت بأن أحد رجال المخابرات الجوية يجلس فوق رأسي وقد وضع القيود في قدمي ويدي رغم أنني لا أستطيع التحرك وقد أصبت بشلل نصفي بسبب تعرضي لقطع في الحبل الشوكي، إلا أنه كان يمارس الضغط على والدي، عندما علم أنه سيدفع كل شيء من أجل حياتي، فبدأ بطلب المال من أجل فك القيود عني ورضخ والدي لطلبه وأعطاه المال، وفي اليوم التالي جاء ضابط أمن يريد التحقيق معي ومن أجل تعذيبي قام بسحب المغذي الذي كان مغروزاً في يدي ونزع الجهاز الذي ينظم عملية إخراج الفضلات بكل عنف ما تسبب لي في ألم كبير، بعدها قرر والدي نقلي إلى مستشفى آخر وتوجهنا إلى الشام وكانت المعاملة نفسها التحقيق معك والتعذيب ما دفعني إلى الهرب إلى الأردن، وحملني والدي وعمي متناوبين على ظهورهما من أجل عبور الشبك (الأسلاك التي يضعها النظام السوري لمنع المتسللين من الهرب)، واستمرت عملية نقلي نحو يومين، لم أشعر بألم كبير بسبب تعرضي لشلل نصفي، وإنما طول فترة الانتقال وتنقلنا بين الأودية والجبال أرهقني وأرهق من نقلني، وأنا الآن في المستشفى وتم علاجي.

وقال احد الشباب من سكان باب عمرو، يقول إنه وصل إلى الأردن على ظهر حمار كان يسير فيه نحو ثلاث ساعات، إلا أن جهله ووالده جعله يتعرض للشلل النصفي بعد أن قطع الحبل الشوكي له عندما كان ملقى على ظهر الحمار.  ويضيف الشاب، الذي يعمل بائعا للخضار أنه كان يهم للذهاب إلى محله المتواضع وأثناء سيره فتح عليه الجيش النظامي النار، لأقع على الأرض غارقاً في دمي ويتم نقلي إلى أحد المنازل بعد أن رفض والدي أن يتم نقلي إلى المستشفى بعد أن شاهدنا حالات تعذيب للمصابين داخل المستشفيات، فكان الخيار الوحيد هو الذهاب إلى المستشفى الميداني.
=
ويقول شباب آخرون لم يتمكنوا من الوصول الى المشافي الميدانية او الهروب من البلاد للعالج: رغم عذاباتهم فهم محظوظون! والسبب ان اقارب او اصدقاء لهم تمكنوا من نقلهم سواء على نقالات او على ظهورهم الى تركيا  أو الاردن عبر طرق  وعرة لإنقاذهم من الموت وضمان العلاج لهم بعيدا من اعين قوات الامن.

هذا هو حال شبابنا المناضل من اجل الحرية، اذا كان محظوظا فهو يجد من يعالجه أو يهربه خارج القطر للعلاج ولكن التأخير في الاسعاف وعدم توفر العلاج الصحيح ..وعدم توفر التعقيم والادوية وغيرها يؤدي الى اعاقة مدى الحياة، ولذلك نجد ان هناك عدد كبير من الاشخاص قد اصيبوا ببتر في اليد او الرجل بعد الاصابة بالعيارات النارية المتفجرة وتأخير العلاج وعدم توفير التعقيم والادوية ..

المشافي الميدانية تقوم بعمل جبار من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من شبابنا الثائر المطالب بالحرية ..الاعاقة قد تكون ثمن للحرية وهذا ما كرره عدد كبير من اطباء المشافي الحكومية الذين كانوا يقولون للجرحى (بدك حرية .... خود حرية سنبتر يدك او رجلك  مقابل الحرية ولن نعالجك حتى  تعرف معنى الحرية التي تريدها) نعم انهم أطباء من الشبيحة وقد أثبتت منظمة العفو الدولية واطباء بلا حدود هذه الحالات في تقاريرهم عن اوضاع المشافي في سورية ..

كيف يمكن ان تساعد؟
يلجأ الجرحى الى المشافي الميدانية، وهي الأمل الوحيد في انقاذهم من الموت، ولكن لا نريد ان نحولهم الى أشخاص ذوي اعاقة مدى الحياة، نريد انقاذهم ليعودوا الى حياتهم الطبيعة ..

في ظل الحرب العسكرية التي لجأت إليها قوات  النظام  الأسدي لقمع ثورة الشعب السوري، وانتشار عمليات القنص، وإطلاق النار، والقصف العشوائي اليومي على عموم المحافظات السورية، فإن عدد الجرحى اليومي كبير جداً ، حيث تسفر العمليات عن عشرات الجرحى يومياً، ومع استحالة نقلهم إلى المشافي الحكومية والخاصة التي تحولت إلى مراكز اعتقال وتعذيب وخطف كان الجانب الصحي من أهم مجالات دعم الثورة السورية .

تحتاج المناطق الثائرة إلى المشافي الميدانية السرية وتأمين احتياجاتها بشكل مستمر ، لذا كان هذا الجانب من الجوانب الهامة والتي لها أولوية في دعم الشعب السوري من حيث إنشاء وتجهيز المشافي الميدانية ، والمستودعات الطبية ، وبرادات حفظ الدم .

نعم من اولويات دعم الشعب السوري اليوم، هو توفير ابسط حق من حقوق الانسان في توفير العلاج الصحي. والوقاية من الاعاقة.  انه الحق في الحياة والحق في الرعاية الطبية والحق في الكرامة الانسانية ، والحق في العلاج والتأهيل خلال الأزمات والحروب.  ان توفير الدعم بكافة جوانبه اساسي لاستمرار الثورة، نحتاج الى دعم مالي للمشافي الميدانية..... نحتاج الى دعم عيني من المواد الطبية والإسعافيه والتجهيزات الطبية ...نحتاج الى اطباء وممرضين ومعالجين فزيائيين ومعالجين نفسيين لدعم المشافي الميدانية... نحتاج الى فرص للعلاج خارج القطر للحالات الصعبة والخطرة والغير قابلة للعلاج في المشافي الميدانية...نحتاج الى دعم الاشخاص ذوي الاعاقة وبشكل خاص الذين يعانون من بتر أحد الأطراف في توفير الاجهزة التعويضية والكراسي المتحركة وغيرها ونحتاح الى توفير برامج اعادة التأهيل ...نحتاح الى تنسيق الجهود بين كل الجهات الفاعلة على الارض والجهات خارج سورية لإمدادهم بالدعم المناسب.  نعم نحتاج الى الكثير من التعاطف والتشجيع والاهتمام والدعم بكافة أنواعه..

الطواقم الطبية تقوم بمعجزات طبية لحماية لإنقاذ أرواح شبابنا وحمايتهم من الاعاقة الدائمة مدى الحياة ....وهنا أتوقف قليلا لأقول باسم كل المناضلين (لا يسعنا الا ان نقف تحية اجلال واكبار واحترام لهؤلاء الطواقم الطبية التي تعرض نفسها للخطر وتعرض نفسها للإعاقة من اجل ان توفر العلاج الطبي والاسعاف الى شعبنا ..لا يوجد كلام ولا لغة يمكن ان تعبر عن وفاءهم واخلاصهم لهذا الوطن الذي لن ينسى تحية ملائكة الرحمة من اجل حماية الملائكة على الارض).


No comments:

Post a Comment